حنين واشتياق
مجموعتي الرابعة (تلاتين سنة) بقلم د/ خالد الشريف
النص الأول
1-(حنين واشتياق..........)
لم يستطع أن يمنع نفسه من نوستالجيا
الثمانينات فعمل عنها هاشتاج (#الثمانينات_عشرت_سنوات_شكلت_حاضرنا) أيام ما كان
يدخل على مواقع التواصل رصد فيها كل أحداث الثمانينات التي عاصرها وهو طفل وهو
مراهق ، لكنه حين فتح الإم بي ثري بلاير السوني ووجد أغنية فارس الصوت الهادىء
الجميل ابن موسيقى الجيل والابن الأصيل الوفي لأبو الجيل حميد الشاعري ؛ بكى لأنها
فتحت له ومضة من الذاكرة دلقت أمام عينه أحداث العام 1988 حين صدر ألبوم فارس
الأول مع فرقة المزداوية (ح أكتبلك) ، والذي يحتوي على واحدة من أجمل عشر أغنيات أنتجت
في الأربعين سنة الأخيرة (حنين واشتياق) ، بكى لأنه تذكر حاله حين كان محبوس على
مكتب والده يذاكر لاختبارات الابتدائية في عز الصيام في أيام شهر رمضان المعظم وكل
أخوانه وأصحابه وجيرانه انتهوا من الاختبارات قبل رمضان وقرر محافظ الإسكندرية
وقتها تأجيل اختبار القبول (هذا هو المسمى الذي كان يطلق وقتها على اختبار إتمام
المرحلة الابتدائية أو الحلقة الأولى من التعليم الأساسي) لما بعد رمضان، جلس في عز الصيام بعد
صلاة العصر يذاكر من سلاح التلميذ والمعاصر ، ونماذج الوزارة التي كانت أول مرة
تنزل وكانت كلها على النموذج الأمريكي الذي انتشر بعد ذلك في التعليم المصري
كانتشار النار في الهشيم (أسئلة الاختيار من متعدد) ، والمحيطين به بعضهم يستعد
للعب الكرة تحت البيت حتى موعد الإفطار ؛ والبعض الآخر كان يأخذ مكانه أمام
التلفزيون ليشاهد حلقة من مسلسل ( وكسبنا القضية) الشهير بطولة مجموعة نجوم
كوميديا مصريين وإنتاج الرياض للإنتاج الإعلامي وتأليف فيصل ندا وإخراج حمدي
الإبراشي ، حيث كان يعرض على القناة الثانية قبل الإفطار ، وبدأ الملل يتسلل إلى
نفسه وبدأ يضحك على نفسه بأنه سيذاكر قبل الإفطار ثم يرتاح بعد الإفطار ويصلي
التراويح ويشاهد ألف ليلة والفوازير ثم يعاود الاستذكار حتى موعد النوم أو السحور
أيهما أقرب ، لكنه لم يفعل أي من ذلك ولم يركز كذلك في مذاكرته وظل يبحث عن اي مبرر
يجعله يقوم من على المكتب فدخل عليه أخوه الأكبر وفي يده ألبوم :
-شريط مين ده ؟
-ما اسموش شريط اسمه ألبوم
! ألبوم فارس (حأكتب لك)
-مين فارس ده ؟ أول مرة
اسمع اسمه
-ماهو مطرب جديد مع فرقة
المزداوية بقيادة حميد الشاعري
-خلاص مادام مع حميد
الشاعري هأسمعه
-ممكن أخده اسمعه في
كاسيت بابا هنا على المكتب وأنا بأذاكر ؟
-ممكن طبعاً بس لو مش
هيشغلك عن المذاكرة
-لا مش هيشغلني بالعكس
ده هيخليني أسلي صيامي
-تسلي صيامك ولا تفسد
صيامك ؟
-ما أظنش سماع أغنية في
الكاسيت يفسد الصيام طب ما هو تتر مسلسل وكسبنا القضية شغال أهو وكل اللي بيتابع
المسلسل بيسمعه وكلهم صايمين
تذكر حينها حديث دار بعدها بسنوات مع زميله
هيثم في الكلية عن صوت فارس الذي هو أجمل صوت سمعه في حياته وأكتر صوت فيه حنية
وشجن ، لكنه كان مشدود أكثر لأغنية حنين واشتياق ؛ أغنية رائعة لحن الراحل ابراهيم
فهمي وتوزيع حميد الشاعري وغناء تريو فارس وحميد وابراهيم
أنا قبلك ماعشتش أنا
بعدك بأموت
بأدوب فيكي إنتي يا
ساكنة السكوت
وشيء مش بإيدي أشوفك
تزيدي في دمي ووريدي حنين واشتياق ؛
بأدوب فيكي وإنتي مدينة
وزحام لا ليا ابتسمتي لا طل الكلام
وفي عنيكي بيتي وأهلي
وصحابي زمانك نسيتي طفولتي وشبابي
وتذكر كذلك حين فتح قناته على اليوتيوب وقدم سلسلة
فيديوهات عن نجوم الثمانينات والتسعينات في الغناء والذين لا تقل أعمالهم قوة وعمق
وأصالة عن أعمال عبد الوهاب وأم كلثوم وفريد وبليغ
وعادت الومضة تذكره أنه كان يذاكر بطريقة
خاطئة في الابتدائية حيث كان يحل أسئلة مباشرة دون أن يراجع الدروس أولاً وهذه
الطريقة جعلته يخسر رهان التفوق مع أخيه
الأكبر ويخذله لأول مرة في حياته حين قال له يوم التيجة سأذهب لأعرف نتيجتك من
الجرائد على اعتبار أنهم سينشرون صورتك مع العشرة الأوائل لكنه لم يظهر معهم
واكتفى ب ثلاثة وتسعين في المائة ليدفع ثمن تمديد العام الدراسي لما بعد رمضان
وتبدأ معاناة جيله مع الاختبارات قبل وبعد وأثناء الصيام في رمضان والتي لم تنتهي حتى
الآن
تعليقات
إرسال تعليق