وداعا........ شاواشينك
مجموعتي الرابعة (تلاتين سنة ) بقلم د/ خالد الشريف
النص الرابع
4-(وداعاً...شاواشينك)
كانت عضويته في النادي الرياضي مثل عدمها ؛
لم يكن يمارس أي نوع من أنواع الرياضة سوى المشي أحياناً مع جاره طالب كلية الهندسة
؛ لكنه كان يذهب إلى النادي كثيراً في الصباح راكباً الترام لا كي يمارس الرياضة
وإنما كي يكتب مذكراته ؛ وهي ثاني محاولة للكتابة بعد فشل محاولته الأولى أيام
الكلية ؛ وفي المذكرات صب جام غضبه في فشله على الآخرين بمنطق فلسفة هيجو (الآخرون هم الجحيم) ؛ في
المساء كان يذهب إلى النادي أيضاً ولكن نادي الفيديو 😊 ؛ نادي فيديو شيري القريب من البيت كان عصر
الفيديو قد اقترب من الانتهاء غالبية أندية الفيديو تم تصفيتها وبيع الشرائط التي
بها، ولم يتبقى سوى نادي فيديو ماسبيرو بجوار صيدلية مونديال رشدي على طريق الحرية
، ونادي فيديو الهداية ، ونادي فيديو شيري في فليمنج بجوار قسم الرمل أول ، حتى
نادي فيديو كلاسيك تركه المهندس طارق الذي كان يستأجره لجمال ابن صاحب العمارة فظل
يديره بالشرائط الموجودة فيه دون أي تجديد ، لكن نادي فيديو شيري كان مليء بالشرائط التي كان أغلبها قديم
يتلف عدسة الفيديو الجديد الذي اشتراه بمكافأة التفوق في الكلية ؛ فيديو باناسونيك
وبألف جنيه كاملة يوم ما كان الجنيه له شنة ورنة ، لكن الغريب أنه كان يحلم بهذه
اللحظة التي يشتري فيها جهاز فيديو ظل هذا الحلم القديم يراوده منذ أن كان طفلاً
يجد كل أصحابه يستأجرون أشرطة وهو لا لأنه لا يملك جهاز فيديو مثلهم ورغم محاولاته
المتكررة مع والديه لم ينجح في حملهم على شراء جهاز فيديو منزلي رغم أن شركة جولد
ستار قد وفرته في الأسواق المحلية بسعر معقول يعرض فقط مع إمكانية التسجيل من طرفي
الصوت والصورة (أوديو -فيديو) ؛ فكان أول حلم حققه بعد تخرجه هو اقتناء جهاز فيديو
ولم يعبأ كون عصر الفيديو ينتهي أمام عينه مع بدء انتشار الأطباق الفضائية بأسعار
معقولة نسبياً بعد ما كان تركيب الدش الواحد يتكلف عشرين ألف جنيه ، فكان يختار من
على الأرفف أي شرائط تجذبه شخصية الممثل وكان الإحباط يغمره حين يعود إلى البيت فيجد
الشريط لا يعمل أو يسف أو تتسخ بسببه عدسة الفيديو فيضطر إلى فتح الفيديو بالمفك
وتنظيف العدسة بمنديل ناعم مغمور في كحول إيثيلي نقي وهي عملية مرهقة حتى عاد أخوه
الذي كان يشاهد معه بعض الأفلام الليلية :
-مالك متضايق ليه ؟
-جبت فيلم لميل جيبسون
وطلع تالف برضه
-طب ما تزعلش ياسيدي أنا
هأقول لك على الأفلام الجديدة اللي تروح تستأجرها
-طيب ما تقول ساكت ليه
-خد ياسيدي عندك فيلم
وداعاً شاواشينك هو إسم تجاري الفيلم الأصلي اسمه إصلاحية شاواشينك بيحكي عن قصة
هروب أحد المساجين من سجن محصن اسمه شاواشينك بعد سنوات من الظلم والاضطهاد بطولة
مورجان فريمان وتيم روبنز
-أنا هأنزل أجيبه حالاً
-الساعة 11 نادي فيديو
شيري يكون لسه فاتح ؟
-إن شاء الله يكون فاتح
ما تنامش هنشوفه سوى هه
المشكلة التانية اللي كانت تقابل مستأجري
أفلام الفيديو إن الأفلام الجديدة التي عليها الطلب تكون بالحجز نظراً للتكالب
عليها :
بالفعل وجد النادي مفتوح لكنه وجد شريط
شاواشينك مستأجر بالخارج عند زبون وقبل أن يعود لمح مسرحية الزعيم لعادل إمام
وإيجارها 10 جنيه بحالهم فأجرها وعاد .....
لم تعجبه المسرحية في أول مرة يشاهدها ؛ لأنه
قارن كم الضحك فيها بكم الضحك المتاح في سالفتها (مسرحية الواد سيد الشغال) فشعر
بالإحباط أيضاً لكنه حين عاد إليها بعد سنوات وجدها أيقونة المسرح المثالي : قصة
وحرية وإبداع وتألق وإنتاج وأصبح لايكل ولايمل من مشاهدتها حتى على جهاز الكمبيوتر
، وحين عاد والده ووجده قد أحضر جهاز فيديو فقال له
-ده إنجاز كبير عملته
للبيت كله- عندك إيه نشوفه ؟
-فيه فيلم الجنتل لمحمود
عبد العزيز وفي مسرحية الزعيم لعادل إمام
-لأ شغل لي فيلم الجنتل
أنا أحب محمود عبد العزيز أكتر
خرج إلى البلكون فوجد جاره طاهر يغيظه بفيلم
نادر لديه نسخة منه لعادل إمام إسمه (الإنس والجن) بطولته مع يسرا وعزت العلايلي
-ماتجيب يا عم الشريط
أشوفه
-إنت عارف شرطي
-إيه ؟
-هات شريط كاسيت أغاني
الشيخ إمام (عن موضوع الفول واللحمة)
-أيوة بس ده شريط نادر
وإنت ضيعت لي قبل كده شريط لحميد الشاعري
-وده شريط نادر برضه
-هات الإنس والجن ما
تستهبلش عمتي بتزورنا ومش لاقي حاجة أفرجها عليها ؟
-خلاص خد وهات
-أمري إلى الله خد شريط
الشيخ إمام عيسى بس لو ضاع عارف هأعمل فيك ايه ؟
-إيه
-هأخليك تحصل له !
-إيه ده هو مات ؟
-الله يرحمه من شهور
قليلة
-إيه ده والله ما أعرفش ولا حد قال
-وهما إمتى كانوا بيذيعوا
أي حاجة عن الشيخ إمام مانت عارف ده تونس إحتفت بيه أكتر من بلده مصر
-الله يرحمه ويحسن إليه
شاهد الفيلم لكنه لم ينم ليلته حتى الصباح بسبب
خوف عمته مما شاهدته في الفيلم فقال في عقل باله : ياليتني ما أحضرته
يارب ما يكون طاهر ضيع شريط الشيخ إمام أهي
حاجة تبقى لنا من رائحته 😊
____________________________تمت____________________
تعليقات
إرسال تعليق