عاهة مستديمة
مجموعتي الرابعة (تلاتين سنة) بقلم د/ خالد الشريف
النص الحادي والخمسون
51-(عاهة مستديمة)
لم يعد يعرف كيف يكتبها في مذكراته ؛ تلك
اللحظة التي عتل فيها هم الدنيا وذهبت متع الحياة وبدأ يعتل هم كل كبيرة وصغيرة
بدءأ من فقدان متعته بيوم الجمعة أيام المدرسة والتلمذة حين كان يضيع كله في كتابة
الواجبات المدرسية ووصولاً إلى حادثة توليه مصروف البيت حين عاد والده إلى الغربة
مضطرراً وأعطاه مصروف البيت بعد أن تأكد من أمانته ووصاه ألا يعطي أحداً أكثر من
مصروفه وبالنسبة لوحيد فله مائتان جنيهاً ولا يأخذهم إلا مرة واحدة ويستحسن أن
يأخذهم قبيل ذهابه إلى منطقة التجنيد ؛ وقتها كانت منطقة تجنيد إسكندرية كانت
مازالت مكان مركز مبارك الأوليمبي حالياً ؛ فوافق حامد على تولي مهمة وأمانة
المصروف لحين عودة والده ولكنه لم يكن يدري أن هذه الحادثة ستغير مسار حياته
وتجعله يتحمل المسؤولية مبكراً ويفقد بهجة التمتع بالفلوس إلى الأبد
سافر الأب وما إن سافر الأب إلا وطلب وحيد من
أخيه الصغير حامد المائتي جنيه
فقال له : والدك قال تأخذهم قبيل ذهابك إلى
التجنيد بعد أسبوعين
وحيد : لا هاتهم دلوقتي
حامد : إنت حر لكن لن تأخذ مليم واحد بعد ذلك
أخذ وحيد الفلوس وصرفها كعادته في خروجاته مع
أصحابه
وبعد أسبوعين جاء موعد الذهاب إلى التجني
فطلب وحيد من أخيه حامد ستون جنيها
فرد حامد : لقد أخذت المائتي جنيه ليس لك أي
مخصصات أخرى في المصروف
وحيد : إتصرف أنا لازم أخذ فلوس علشان أروح
التجنيد
حامد : مفيش فلوس لا يمكن تاخد مليم أكثر مما
قاله والدك
فقام وحيد مكانه ليشتب مع حامد بالأيدي
وتدخلناصر ومهند لتهدئة الأجواء وقال اصر لأخيه وحيد : أنا هأسلفك
وحيد : وإنت يا حامد حسابك بعدين
جاء الأب من السفرية الأخيرة بعد أسابيع وعلم
بما حدث فاستدعى صديقه الخبير التربوي كي يشتكي له سلوك وحيد الأرعن الذي يعامل
أصدقائه بلطف ويعامل إخوانه بعنف
فقال لهم الخبير التربوي : نحمد الله أنه لا
يعامل الناس خارج البيت بالعنف وإلا جلب لنا مصيبة لو ضرب أي حد وعمل له عاهة
مستديمة !
فقاطعه حامد : بس أنا ماغلطتش ياعمي لما نفذت
كلام بابا ولم أعطيه سوى المائتي جنيه
فرد الخبير التربوي : لا إنت أخطأت يا حامد
وكان لازم تقدر الموقف لأن أخوك رايح التجنيد وكان معاك فلوس في المصروف بدل ما
تدفعه للسلف وإلا سيكون لي معك كلام تاني لما تعامل أخيك الكبير بهذه الطريقة !
قام وحيد من مكانه فرحاً وحضن وقبل عمه
الدكتور الخبير التربوي
وغادر المكان وهو سعيد
بينما شعر حامد بإحباط شديد فلم يقل له حد
حتى شكراً على تحمله هم المصروف ناهيك عن العقدة النفسية التي ركبته بعد توليه
المصروف ☹
____________________تمت__________________________
تعليقات
إرسال تعليق