تحالف العمالقة

 مجموعتي الرابعة (تلاتين سنة) بقلم د/ خالد الشريف

النص الحادي والثمانون

 81- ( تحالف العمالقة ) 

استطرد حامد في يومياته عن تلك الفترة

(كانت العلاقات مع ناصر متذبذبة أحياناً كنت أحس أنه قريب وأحيان أخرى كنت أحس أنه بعيد جداً لكني لا أنسى أول مرة دخلت السينما كانت معه كان فيلم أجنبي في سينما أمير إسمه تحالف العمالقة وأول مرة أذهب إلى السيرك الأوروبي في أرض كوته في الشاطبي على كورنيش اسكندرية وتلك اللحظة لا أنساها لأن من فرط التدافع والزحام أثناء الدخول كادت طفلة صغيرة أن تختنق وأبوها ظل يصرخ ويستغيث فتدخل ناصر بقوته الجسدية ليفسح لها مجال ويعمل لها طوق كي تتنفس وتسترد وعيها فيشكره أبوها وقتها لمست العطف والحنية في شخصيته كان مختلف عن وحيد لم يكن مندفع ولا عصبي ولا أرعن لكن شيطانه كان يغلبه من نواحي أخرى فكان الخيال الواسع الذي تربى عليه أثناء قصص د حسام له وهو صغير سبب في أن يكتسب مهارة التأليف .

وأرض كوتة تحمل في ذاكرتي ذكرى أخرى هي مسرحية (تصبح على خير يا حبة عيني) لسمير عبد العظيم وآخر عمل لعبد المنعم مدبولي على المسرح ومعه حسن يوسف وصفية العمري ويونس شلبي ، حيث ذهب بنا أبي بالسيارة ال131 الفيات البيضاء وكاد أن يفوتنا العرض بسبب اختناق مروري بجوار مبنى الوزارة أثناء خروجنا بالسيارة من جوار البيت توقفنا بسببه لأكثر من 20 دقيقة

كان كلا من ناصر ووحيد يظن أن إخوته الصغار سوف يسحبونه إلى الخلف سوف يعطلونه عن لقاءاته عن أصدقائه عن إنطلاقه حتى المصاريف التي كانوا يطلبونها من الأم أو الأب كانت أحياناً تتعطل بسببنا وبسبب احتياجاتنا فربما جعلهم هذا يكرهون وجودنا ربما لا يكرهوننا نحن لكن يكرهون ضيق ذات اليد الذي جعلهم يشعرون أنه في المصاريف لا يوجد حل من اتنين (إما نحن أوهم ) وهذا سبب التقسيمة العنصرية التي قسمها حنتوف (إحنا وهم) إحنا دي تشمل حامد وصفاء وحنتوف ) وهم (ناصر ووحيد) لكني كنت أنظر للأمر من وجهة أخرى فذهبت إلى أمي بالسؤال الأزلي :

-ليه خلفتونا (خلفتونا تعني أنجبتونا) كتير كده يا أمي ؟

-ردت أمي وهي مستغربة : مين من إخوانك لم تكن تحب أن يأتي إلى الحياة ؟

رغم أنها ردت على السؤال بسؤال إلا أنني لم أستغرب ردها

وقلت : مش حكاية مين من إخواتي لم أرغب أن يأتي إلى الحياة يا أمي..... الحياة نفسها

-مالها حياتنا ... الحمد لله إحنا أحسن الناس مستورين وعندنا احتياجاتنا الأساسية

-أنا نفسي أخد مصروف كبير وأشرب كولا وأاكل تفاح وألعب أتاري وأشتري جزمة كوتشي أو أديداس وو... و....

-لما أبوك ييجي من ليبيا ابقى أطلب منه اللي إنت عايزه

-أهي ليبيا دي عقدة تانية برضه بابا بيجيب حاجات غريبة مش زي اللي بيجيبها آباء جيراننا العائدين من الخليج

-يوووه بقى يا حامد إرحمني .....كفاية البيجامات اللي جبتها لكم من عمر أفندي ولم تعجبكم

وبدأت تبكي

فجاء الجميع على بكاءها وإرضاء لها أخذنا بيجامات عمر أفندي ولبسناها وإتصورنا بيها كمان

كنا ضعاف دائماً أمام الدموع ومابالك لما تكون دموع الأم !

____________________تمت___________________

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

راشد في درب الأربعين

مذيع لمدة ساعة

بيت من زجاج