سوبيا جميلة
مجموعتي الرابعة (تلاتين سنة) بقلم د/ خالد الشريف
النص الثامن والثمانون
88- ( سوبيا جميلة
)
كان حامد قوي الذاكرة وهذا الأمر جعله يختزن العديد من التفاصيل التي
تصلح خيوط لنسيج يمكن أن يغزل منه قصص وليس قصة واحدة لكن حرصه على تغيير الأسماء
والأماكن كان يستغرق جزء كبير من تفكيره أو خياله إن جاز التعبير في مذكراته :
(كانت هناك قطيعة بيني وبين رائد لم تزول إلا بخبر وفاة والده اللواء
المتقاعد حين علمت ذهبت له في البيت وصعدت كي أعزيه دخلت وجلست في نفس المكان الذي
قابلنا فيه والده من قبل أمام أحواض الأسماك وبدا وكأن الأسماك حزينة لوفاة والده
كانت ساكنة لم تكن تتحرك في أرجاء الأحواض قلت له يجب أن تخرج من أحزانك كانت
الدراسة قد عادت وكنا في ثانية ثانوي لكن في طابور الصباح في المدرسة اليوم التالي
حدث موقف لم أكن أتوقعه ولم أكن أنساه
جاء رائد ومعه والدته وهي ترتدي نظارة سوداء وجسمها يبدو نحيف وهزيل
لا أعرف إن كان هذا حجمها الطبيعي أم من الحزن على وفاة زوجها كي تطلب أجازة
لابنها للسفر معها للقاهرة لتخليص اجراءات لزوجها في الوزارة هناك وفي اثناء
الطابور دخل رائد كي يقف في طابور فصله أثناء الطابور دون استئذان فاستوقفه استاذ
مرتضى بدري مدرس التربية البدنية وجارنا ومبيض المحارة (النقاش) بعد الظهر 😊 وقال له
رايح فين
-رايح طابور فصلي
-مش تستأذن الأول ولا هي وكالة من غير بواب
(استاذ مرتضى كان هادىء لكن احذر شر الحليم
إذا غضب) ولم يكن يعرف أن رائد والده توفى أن أمه موجودة بالخارج
-أنا خلاص دخلت
-تعالى هنا
وقام من مكانه أمسك بتلابيب رائد
-فرد رائد إيه ده إنت هتضربني نزل ايدك
-اضربك وأكسر دماغك وبدأ في توجيه اللكمات
فقد كانت اللعبة الثانية له في الكلية حبن كان طالب هي البوكس
وأكل رائد علقة ساخنة لم يكن ليأكلها حمار في
مطلع لكنه لم يبكي ورد على استاذ مرتضى بكلمة واحدة :
-ماشي وأشار إلى ذقنه يعني هأوريك !
تضايقت كثيرا من المنظر الذي شاهدته فقد كنت
أقف في طابور صفي كان استاذ مرتضى يأتي إلينا في العمارة فأخته جارتنا وسبق وأن
عهدت إليه أمي بتبييض جدران البيت كلها
وكان فكاهي وظريف في معاملته وكان يداعب سامي
ابن عم رأفت على مشهد في فيلم الهلفوت لعادل إمام كان يشرب فيه سوبيا ويخلط بينها
وبين اسم حبيبته سونيا فيقول سوبيا جميلة 😊 وظلت كلمة سوبيا جميلة سيم بين استاذ مرتضى وسامي ابن عم رأفت
جارنا وقد قام بتبييض جدران شقة عم رأفت هو الآخر يبدو أنه كان واخد البيت كله
مقاولة
لكنه كان يأتي لحد عندي ويعاملني باحترم وكنت
أصلي معه في مسجد الهداية فهو جارنا في نفس الحي وحين كنت اتزنق وأريد أن أخرج من
اللقاء معه وأنا مكسوف مش عارف أقول إيه كنت ارجع للسيم وأقول :
-سوبيا جميلة
فيضحك وينهي الموقف لكني لم أنسى ابدا ما
فعله في رائد ظل حاجز بيني وبينه
تعليقات
إرسال تعليق