هنا لندن

 مجموعتي  الرابعة (تلاتين سنة) بقلم د/ خالد الشريف النص الثالث والعشرين بعد المائة  123-( هنا لندن …..)

كان هذا الكاسيت الباناسونيك الأحمر رغم قصر عمره شاهد على تقاطعات عديدة في فترة حرجة ورغم أنه جاء متأخرا بعد انتهاء عصر الكاسيت بسنوات تماما كالفيديو الباناسونيك الذي اشتريته من نفس المعرض الذي لم يعش لنا منه أي جهاز من أول المروحة حتى التلفاز إلا أنه ظل صامدا كارديو 😀 كنت اسمع عليه حفلات مرضعة قلاوون كل يوم بالليل في مساء رمضان وأنا أذاكر تحت عنوان عصر من الغناء وفي حضوره رفضت ان أقوم أودع خالتي ثريا وهي مغادرة من بيتنا في إحدى زياراتها النادرة تحت حجة انشغالي بمذاكرة ليلة الامتحان 

وفيه طمعت خالتي حبيبة وكانت تريد اقتناصه بعد وفاة العالم لكنها لم تأخذه ولايوم واحد وشهد الأيام الأخيرة في حياة العالم حين زهد في فراشه وانتقل إلى الكنبة الاستديو في غرفة المكتب فكان الكاسيت الأحمر يزين الكومودينو فوق رأسه حين كنا ندخل لنراه هل يتنفس أم لا وكان يسمع فيه راديو لندن راديو لندن الذي هو ضمن ثماني أشياء تعلمتها منه في حياتي كان يحكي لي عن ماجد سرحان وكلمة هنا لندن التي كانت تزين الصباح في حضوره وهو يجلس يشرب الشاي بالحليب 

راديو لندن الذي أغلق أبوابه للأبد وسجلت اللحظة التاريخية التي أعلن فيها الراحل محمود المسلمي ونور الدين زورقي انتهاء البث وانتهاء الزمن الجميل 

لكني استرجعت الكاسيت بعد وفاته قلت أنا أولى الناس به رغم أنه لم يعد يدور من أيام الكوكتيلات اللي كانت بتعملها لي بنت الناس وأسمعها عليه لم يعد لسماع راديو لندن طعم رغم أني كنت أراسل موقع بي بي سي بانتظام في صفحة نقطة حوار وأقول رأيي عن إمكانية سقوط بغداد من عدمه فقد كانت الأيام الأخيرة في حياة العالم هي الأيام الأخيرة في نظام صدام لكنه رحل قبل سقوط صدام بثلاث أيام 

ولازلت اذكر كلمة الشاعر فاروق جويدة - آخر من تبقى لنا من الزمن الجميل -  في ندوة دعاه فيها عميد كليتي الأسبق حين قال 

كل المصائب دائما تأتي بعد سقوط بغداد 

صدقت يا جويدة ماشفنا خير بعدها أبداً 

——————— تمت —————————-

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

راشد في درب الأربعين

مذيع لمدة ساعة

بيت من زجاج