مولد وصاحبه غائب
مجموعتي
الرابعة (تلاتين سنة)
بقلم د/ خالد الشريف
النص الثلاثمائة وخمسون
350- ( مولد وصاحبه غائب )
أول مرة أذهب إليها كانت بالقطار من الأسكندرية ، وكانت أمي هي دليلنا الوحيد في شوارعها فقد كانت قاهرية المولد والمنشأ ، وبعد سنوات ذهبت إليها مرة أخرى لكن بالسيارة وأمي كان يجب أن تكون جالسة جوار أبي كي ترشده إلى الطريق ، فالقاهرة ليست مدينة واحدة القاهرة تقريبا عشر مدن مدمجة في بعضها ، وليس لها حل غير إنك تغادرها، منذ زمن الرئيس مبارك رحمه الله سألوه مرة أين تتنسم الهواء النقي؟ فقال:
- أي مكان خارج القاهرة!
، والقاهرة غير إنها مولد وصاحبه غائب ، هي مجموعة عوالم في بعضها ، أولاً لا يمكن تمشي فيها بدون خريطة أو خط سير أو وصفة سهلة ، والمترو لما كبرت كان هو المرجع لي في أي مشوار داخل القاهرة ، ورغم إن أهلي فيها دائماً كنت أدخلها غريب وأخرج منها مستغرب ، وكل همي في يوم زيارتها أن أعرف طريقي إلى مكان المبيت في المساء ، ومهما كان تكرار زياراتي لها لم تؤثر في ذاكرتي بأي شكل
كل مرة أنزلها كأنها أول مرة ، مع إني زرت الهرم وحلوان وجامعة القاهرة ومدينة نصر والمعادي ، وغيرها من الأماكن
لكن عمري ما دخلتها سائق سيارتي إلا مرة أو مرتين وأمي أيضا كانت هي الجالسة بجواري كي ترشدني ، ذهبت إليها وأنا باحث وكان معي زميل وكنا في طريقنا إلى إدارة المشروعات في الزمالك وضللنا طريقنا في الزمالك
ربما لأننا أهلاوية 😊
فقال لي زميلي كلمة لم أنساها وقتها:
- كل حي في القاهرة ملكوت
صندوق أسود مغلق على نفسه،
وخرجنا منها رفقة سائق تاكسي أخد مبلغ وقدره ،
مرة أخرى ضللت طريقي في المعادي وأنا ذاهب الجمعية وجدت الشوارع والعمارات كلها متشابهة ،
أخدت وصفة من أخي الكبير ،
لا أعرف حظي معها سيء ،
وقلبي دائما مقبوض وأنا داخلها
لها هيبة ، وواحدة من أكبر عشر مدن في العالم
وأكثرها تلوث أيضاً ،
مؤخراً فتحت اليوتيوب فوجدت السوبر ستار
يطرح أغنية عنها وشاركه في الغناء فيها الكينج
رغم إن كل أغانيه عن الحب فقط
ولا شيء إلا الحب ورغم أنه يقضي أغلب السنة
خارج القاهرة - في الساحل أودبي
أوالقصر تبعه على الطريق الصحراوي
إلا إنه لما قرر يخرج عن الحب اختار القاهرة ،
الشلهوب-أحد زملائي فترة الغربة- ذات مرة نزل فيها ترانزيت في طريقه من تونس إلى الدمام واختار الترانزيت الطويل في القاهرة 10 ساعات فلما سألته عن السبب قال لي:
-وهل هناك عاقل تأتي له فرصة كي يزور القاهرة عاصمة مصر أم الدنيا ، ومجانية ويتركها ؟
قلت سبحان الله أنا على بعد 200 كيلو منها وأكسل أسافر كي أقضي مشاوير العمل ، لا يوحشني جوها ولا ناسها ولا إحساسها ، ولا شوارعها العريضة التي أفشل في عبورها ولا مواصلاتها المزدحمة المليئة بالخناقات حتى المترو ،
ولا أكلها الفول بالطعمية والزيت المقلي
ولو فكرت أركب تاكسي ممكن أدفع نصف مرتبي وسوف ينتهي اللقاء بيني وبين سائق التاكسي في القسم 😊، وكل هذا كوم ولو فكرت أدخل الحمام قبل ما أركب المترو كوم تاني 😀
_________________ تمت _________________
تعليقات
إرسال تعليق